اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 485
تعالى: وَإِنْ تَلْوُوا قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، والكسائي، تلووا، بواوين، الأولى مضمومة، واللام ساكنة. وفي معنى هذه القراءة ثلاثة أقوال: أحدها: أن يلوي الشاهد لسانه بالشهادة إِلى غير الحق. قال ابن عباس: يلوي لسانه بغير الحق، ولا يقيم الشهادة على وجهها، أو يعرض عنها ويتركها. وهذا قول مجاهد، وسعيد بن جبير، والضحاك، وقتادة، والسدي، وابن زيد. والثاني: أن يلوي الحاكم وجهه إِلى بعض الخصوم، أو يُعرِضَ عن بعضهم، روي عن ابن عباس أيضاً. والثالث:
أن يلوي الإِنسان عنقه إِعراضاً عن أمر الله لكبره وعتوِّه. ويكون: «أو تعرضوا» بمعنى: وتعرضوا، ذكره الماوردي. وقرأ الأعمش، وحمزة، وابن عامر: «تلوا» بواو واحدة، واللاّم مضمومة. والمعنى: أن تلوا أمور الناس، أو تتركوا، فيكون الخطاب للحكّام.
[سورة النساء (4) : آية 136]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (136)
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ في سبب نزولها قولان:
(382) أحدهما: أن عبد الله بن سلام، وأسداً، وأُسيداً ابني كعب، وثعلبة بن قيس، وسلاماً، وسلمة، ويامين. وهؤلاء مؤمنو أهل الكتاب أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: يا رسول الله نؤمن بك، وبكتابك، وبموسى، والتوراة، وعزير، ونكفر بما سوى ذلك من الكتاب والرسل، فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: أن مؤمني أهل الكتاب كان بينهم وبين اليهود كلام لما أسلموا، فنزلت هذه الآية، هذا قول مقاتل [1] .
وفي المشار إليهم بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ثلاثة أقوال [2] : أحدها: أنهم المسلمون، قاله الحسن، فيكون المعنى: يا أيها الذين آمنوا بمحمد والقرآن اثبتوا على إِيمانكم. والثاني: اليهود والنصارى، قاله الضحاك، فيكون المعنى: يا أيها الذين آمنوا بموسى، والتوراة، وبعيسى، والإِنجيل:
آمنوا بمحمد والقرآن. والثالث: المنافقون، قاله مجاهد، فيكون المعنى: يا أيها الذين آمنوا في الظّاهر بألسنتهم، آمنوا بقلوبكم.
باطل. ذكره البغوي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وهذا إسناد ساقط: الكلبي متروك كذاب، وأبو صالح لم يسمع من ابن عباس. وانظر ترجمتهما في «الميزان» . وذكره الواحدي في أسباب النزول 372 عن الكلبي بدون إسناد، وقال الحافظ في «تخريج الكشاف» [1]/ 576: ذكره الثعلبي من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. [1] عزاه المصنف لمقاتل، وهو ابن سليمان عند الإطلاق، وهو متهم بالوضع، فخبره لا شيء. [2] قال الإمام الطبري رحمه الله في «تفسيره» 4/ 324: يعني الله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بمن قبل محمد من الأنبياء والرسل، وصدّقوا بما جاءوهم به من عند الله، يعني بما هم مؤمنون من الكتاب والرسل، آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ محمد صلّى الله عليه وسلّم وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ فإنكم قد علمتم أن محمدا رسول الله، تجدون صفته في كتبكم، ذلك بأنهم كانوا صنفين: أهل التوراة مصادقين بها وبمن جاء بها، وهم مكذبون بالإنجيل وعيسى ومحمد صلوات الله عليهما، وصنف أهل الإنجيل، وهم مصدقون به وبالتوراة وسائر الكتاب، مكذبون بمحمد صلّى الله عليه وسلّم والفرقان.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 485